قوله تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ} يعني بالفاحشة: الزنى.{فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ} يعني بيِّنة يجب بها عليهن الحد.{فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} اختلفوا في إمساكهن في البيوت هل هو حد أو مُوعد بالحد على قولين:{أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} يعني بالسبيل الحد، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خُذُواْ عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّب جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ». واختلفوا في نسخ الجَلْدِ من حد الثيِّب على قولين:أحدهما: أنه منسوخ، وهو قول الجمهور من التابعين والفقهاء.والثاني: أنه ثابت الحكم، وبه قال قتادة، وداود بن علي، وهذه الآية عامة في البكر والثيب، واخْتُلِفَ في نسخها على حسب اختلافهم فيها هل هو حد أو موعد بالحد، فمن قال: هي حد، جعلها منسوخة بآية النور، ومن قال: هي مُوعد بالحد، جعلها ثابتة.قوله عز وجل: {وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا منكُم فَئَاذُوهُمَا} فيها قولان:أحدهما: أنها نزلت في الأبكار خاصة، وهذا قول السدي، وابن زيد.والثاني: أنها عامة في الأبكار والثيِّب، وهو قول الحسن، وعطاء. واختلف في المعنى بقوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يِأْتِيَانِهَا مِنكُم} على قولين:أحدهما: الرجل والمرأة، وهو قول الحسن، وعطاء.والثاني: البكران من الرجال والنساء، وهو قول السدي، وابن زيد.وفي الأذى المأمور به ثلاثة أقاويل:أحدها: التعيير والتوبيخ باللسان، وهو قول قتادة، والسدي، ومجاهد.والثاني: أنه التعيير باللسان، والضرب بالنعال.والثالث: أنه مجمل أخذ تفسيره في البكر من آية النور، وفي الثيِّب من السُّنّة.فإن قيل كيف جاء ترتيب الأذى بعد الحبس؟ ففيه جوابان:أحدهما: أن هذه الآية نزلت قبل الأولى، ثم أمر أن توضع في التلاوة بعدها، فكان الأذى أولاً، ثم الحبس، ثم الجلد أو الرجم، وهذا قول الحسن.والثاني: أن الأذى في البكرين خاصة، والحبس في الثَّيِّبين، وهذا قول السدي.ثم اختلف في نسخها على حسب الاختلاف في إجمالها وتفسيرها.{فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا} يعني تابا من الفاحشة وأصلحا دينهما، فأعرضواْ عنهما بالصفح والكف عن الأذى.